4 [ بين يدي ميلاد الإنسان

الاقتباس (تغيير الصورة)

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

الرحمن هو الذي خلق الكون كله، وهو الذي خلق الإنسان بيديه: سوّاه فعدله، ونفخ فيه من روحه، ورفع شأنه، وأسجد له ملائكته، وعلّمه الأسماء كلها، وعلّمه البيان، وأودعه العقل، وزوًده بالعلم والمعرفة، وميّزه على كثير من مخلوقاته، وذلّل له الأرض والأنعام والدواب، وسخر له البحار والأنهار، والليل والنهار، والشمس والقمر،  ومكّن له في الأرض، واستخلفه فيها، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة. وقال تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ  وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾ [النحل: 7].

وفي الآية الكريمة ارْتِقَاءٌ فِي  الِاسْتِدْلَالِ مَشُوبٌ بِامْتِنَانٍ عَلَى النَّاسِ، أَنْ أَحْسَنَ خَلْقَهُمْ فِي جُمْلَةِ إِحْسَانِ خَلْقِ كُلِّ شَيْءٍ   وَبِتَخْصِيصِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ  بِالذِّكْرِ. ففي الآية نِعمٌ  عظيمة  جليلة  فلم يخلق الله خلقاَ   أحسن من الإنسان؛ فقد  خلقه  حياَ عالماَ، قادراَ  مريداَ، متكلماَ سميعاَ  بصيراَ، مدبًراَ  حكيماَ. وهو  كذلك  أحسن المخلوقات ظاهراَ وباطناَ، جمالاَ وهيئة؛ بديع تكوين الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، والفرج بما طواه، واليدين وما بطشتاه, والرجلين وما احتملتاه. وخلق السماء وخالقها، والأرض وفاطرها، والنفس والذي سوّاها.

ويحمل هذا الإنسان في أسرار نفسه وعجائب خلقه وبديع صنعهما ما تعجز العقول عن إدراكه كله أو جزء منه، فهو أرقى الكائنات الحية التي تعيش على سطح المعمورة، التي يزيد عددها على (7-8) مليون نوع مختلف، الله عقله وجعله آية ناطقة بطلاقة قدرته تعالى وعظيم حكمته، ووسّع له دائرة اهتماماته، وجعلها تتطلع إلى وهو أعقدها تركيباً وتكويناً، ولا عجب في ذلك، فإن الإنسان قد خلقه الله تعالى ليكون سيداً لهذه الأرض وما عليها وخليفة الله فيها.

ولا يضاهي جسم الإنسان جمالاً وإبداعاً أي مخلوق آخر بالدقة والتنظيم، فكل جزء منه حي، وهو يعمل كي يبقى الجسم بمجموعه حياً. قال تعالى: ﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21].

لقد أمدّ الله الإنسان بالأجهزة الآتية لتكوّن جسده: الجهاز العظمي .. الجهاز العضلي .. الجهاز الجلدي .. الجهاز الهضمي .. الجهاز الدموي .. الجهاز التنفسي ..   الجهاز التناسلي .. الجهاز اللمفاوي .. الجهاز العصبي .. الجهاز البولي .. وأجهزة الذوق والشم والسمع والبصر….كل منها عجيبة لا تقاس إليها كل العجائب الصناعية التي يقف الإنسان أمامها مدهوشاً، وينسى عجائب ذاته وهي أضخم وأعمق وأدقّ بما لا يمكن مقارنتها أو قياسها.

والإنسان كيان حي خاضع لقوانين الحياة من ميلاد ونمو وتكاثر وازدهار وشيخوخة وموت .. وهو كيان بالغ التعقيد، دائم التحوًل، يتكوًن من ألوف الملايين من الخلايا تنتظمها أنسجة متخصصة، وينتظم كل مجموعة من هذه الأنسجة أعضاء معينة، لكل منها وظيفته المحدًدة، والكل يتعاون في خدمة هذا الكيان الحي في نظام غاية في التعقيد والإعجاز.”ويقع الجسم الإنساني في ميزان الضخامة في منتصف الطريق بين الذرة والنجم فطوله يعادل طول (200.000) خلية نسيجية، (2000.000) جزئية زلال، وبالتالي فإن (5000) رجل يمكن أن يوازوا قمة (إفيرست)، وإن نصف قطر الكرة الأرضية يعادل (30) مليوناً من أطوال أجسامنا، وإن أطوال 75 بليون إنسان تغطي طولاً مساوياً للمسافة بين الأرض والشمس”.

﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا[ :

إنّ أجسامنا تعمل ونحن غافلون عنها، فنحن لا نأكل على أهوائنا، وإنما على تنبيه أجسامنا لنا حول حاجتها للطعام، إنه الجوع وهو الحس الذي لا يملكه أحد، وندعّي بأننا نهضم ما نأكل، والصحيح أنّ أجسامنا هي التي تهضم ما نأكل، فإن الهضم عملية تتبعها عمليات وعمليات.هذه العمليات التي نراها ولا نفهمها ولا نستطيع أن نتدخل فيها مسرعين أو مبطئين لها، فإذا ما تعسّر هضمنا فإنا لا ندري لم تعسر؟ حتى أطباؤنا قد لا يعلمون لهذا العسر تفسيراً.

وإذا ما انتقلنا إلى قلوبنا وأكبادنا، وغددنا وأعصابنا، وأسماعنا وأبصارنا فإننا نجد أن أجسامنا جالسة كرواد الفضاء في سفينة الفضاء يحسب أحدهم أنه ارتفع وأنه يقود سفينته، وفي الواقع أنه ما ارتفع وما قاد، وإنما ارتفعت به صواريخ أدارتها حاسبات إليكترونية لا يفهم هو ألغازها وأسرارها، وأعادته كذلك إلى الأرض حسابات أخرى جعلت الصاروخ يشتغل فانتقلت السفينة من جو القمر إلى الأرض، وقد يقضي رحلة عودته نائماً.وتحتوي أجسامنا على (26) فقرة و(605) عضلة و(40.000) ليف عصبي، و(800) نسيج، و(360) مفصلاً، و(208) عظمات منها (50) عظمة في اليدين و(28) عظمة في أصابع القدمين.

كما تحتوي أجسامنا على ما يقارب (10.000) نوع من الإنزيمات تقوم بتصنيع جميع المركبات التي يحتاج إليها الجسم والمحافظة عليها، ولكل من هذه المركبات العضوية المعقدة دوره الخاص الذي يقوم به، لكنها كلها تعمل كعوامل مساعدة لتنشيط التفاعلات الكيماوية.

كما تحتوي أجسامنا أيضاَ على :

(1000)                        نوع مختلف من البكتيريا.

(35.000.000.000)     كرية حمراء لنقل الأكسجين

(60.000.000)              كرية بيضاء لمقاومة الجراثيم ومناعة البدن.

“وتحتوي أيضاً على:

(3.000.000 – 5.000.000)   جهاز حساس للألم.

(200.000)                          جهاز حساس للحر.

(500.000)                          جهاز حساس لّلمس والضغط.

(600.000)                           كم من الشرايين.

(76)                                   عصباً يسيطر على مساحات الإحساس في الجسد البشري”.

[1]  الإنسان ذلك المجهول –  د. ألكسيس كاريل – ص 2- كتب الجوائز العالمية – ترجمة عادل شفيق – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة – 1964 م.

[2]    Bacteria,  Wikpedia, the free Encyclopedia. http://www

[3]  الدم – هربرت س . زم  – ص 19، ترجمة نائل الرجال، أكرم أبو الراغب –  الجمعية العلمية الملكية، الأردن – 1980 م.

[4]  الطب محراب الإيمان – د. خالص كنجو جلبي – مؤسسة الرسالة – 1971 م.

[5]  رحلة الإيمان في جسم الإنسان – د. حامد أحمد حامد – دار القلم – 1991 م.