جهاز الإبصار

تستطيع العين أن تميّز بين درجتين من درجات اللون الأخضر البالغة 800.000 درجة، وأن ترى في نور الشمس الساطع، كما تستطيع أن ترى في نور القمر الباهت، والفرق بين  ضوء  الشمس   ونور  القمر  30.000 ضعف، كما أنّ  النسبة   بين  الحدود   الدنيا  والقصوى  لرؤية  البصر يبلغ 1: 20 بليون.

زوّد الله الإنسان بحاسة البصر، وهي نعمة إلهية كبرى ليبصر بها المرئيات، ويتعرف بها على الكائنات، وجعل العينين في اعلى مكان من الوجه، والعينان هما محل الملاحة والزينة والجمال، وهما  بمنزلة النور الذي يمشي بين يدي صاحبه؛  فهما المصباحان  المركبان في أشرف عضو من أعضاء الجسم.

والعين هي الشفافة اللامعة الأنيقة، التي تتصدر الوحه لتكون أجمل الأعضاء، وأكثرها تألقا، وأعظمها حسا، وأوسعها حركة، وأكثرها حساسة ورقة، وأشرفها تأملا وأصدقها شهادة. وركّب الله هذا النور في جزء صغير يبصر به السماء والأرض وما بينهما، وغشّاه بطبقات بعضها فوق بعض حمابة له وصيانة وحراسة.

وتتكون شبكة العين من 10 طبقات يبلغ سمكها 0.4 ملم، ويوجد في طبقة المخاريط التي هي  آخر الطبقات 140 مليون مستقبل للضوء؛ ما بين مخروط  وعصية، ويخرج من العين إلى الدماغ عصب بصري يحتوي على 500.000 ليف عصبي.

“وتستطيع عيوننا أن تميّز بين 7.5 مليون لون مختلف محصورة بين أقصر موجة (الموجة البنفسجية) التي يبلغ طولها حوالى 0.38 ميكرون، والموجة الحمراء التي لا يزيد طولها عن 0.76 ميكرون، أي أنّ الفرق بين أطول موجة مرئية وأقصر موجة مرئية هو  0.76 – 0.38 = 0.38 ميكرون، أي أنّ الفرق بين العمى والرؤيا في الإنسان هو 3/1 ميكرون”.[1]

كما تستطيع العين أن تميّز بين درجتين من درجات اللون الأخضر البالغة 800.000 درجة، وأن ترى في نور الشمس الساطع، كما تستطيع أن ترى في نور القمر الباهت، والفرق بين  ضوء  الشمس   ونور  القمر  30.000 ضعف، كما أنّ  النسبة   بين  الحدود   الدنيا  والقصوى  لرؤية  البصر يبلغ 1: 20 بليون.

وتنسكب دموعنا بمعدل 5 مليمتر مكعب في كل يوم، وتبكي النساء منا 4 أضعاف ما يبكيه الرجال،  وتعمل هذه الدموع على مرونة حركة الجفون وتطهيرها وحمايتها من الجفاف، فها هي عيوننا ترمش مرة واحدة كل 2 – 10 ثانية.  فسبحان الذي خلق عيوننا لتميّز هذا الفرق الهائل الذي لا يمكن أن يتوفّر لأي جهاز آخر اخترعه الإنسان!

ولو عشنا في القطب الشمالي في درجة حرارة – 70 مئوي، فإنّ أحدنا لا يحتاج لأن يغطي عينيه بهما، فالخالق العظيم أودع عيوننا سائلاً يتكون من 16 مادة مضادة للتجمد؛ منها الأكسجين والنيتروجين والصوديوم والبوتاسيوم والحديد والمغنيسيوم والكالسيوم وخليطاً آخر من المعادن والبيكربونات والأنزيمات و60 نوعاً من البروتينات يضاف إليها مزيج من الدهنيات والسكريات والأحماض الأمينية، وكلها تشكّل مضادات للتجمّد تتحمّل هذا الانخفاض الرهيب في درجات الحرارة، كما أودع الله هذا السائل أنزيمات تمنع التهاب العيون وتبطل تأثير البكتيريا والجراثيم المنتشرة في الهواء.

فأي إعجاز في خلق هذه العيون لتتحمّل فروق درجا ت حرارة تزيد على 100 درجة مئوية!  ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4].

وقد جعل الله العين مرآة النفس؛ ينعكس عليها كل ما يشعر به المرء من خوف وجزع، وحزن وفرح، وحب وبغض، وغضب ورضى، وإنّ كل ما يثير القلب ينعكس في العينين، فإنّ لهما تعبيراً أقوى من اللسان والبيان، إنّه تعبير تراه في العين واضحاَ جلياً أصدق من كل لسان، فهي النافذة إلى الروح، وهي التي تفضح أسرار الفكر والأحاسيس العاطفية.

“والنظرة عنوان صاحبها أو عنوان حياته الباطنة؛ فإذا كانت جامدة إلى هذا الكون الرائع فهي عنوان الباطن الجامد والشعور الخامد والقلب الميت، وإذا كانت قوية أو حية فهي آية الباطن القوي الحي والوجدان المنفعل، والقلب اليقظ الفياض بمختلف المشاعر الكريمة، وما الحياة الإنسانية إلا حياة هذا الباطن وقوته، وما  كمالها إلا تقدّمه نحو العواطف الربانية الخيرة”.  [2]

قال تعالى مذكّرا بهذه النعمة العظيمة على الإنسان: ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَين * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾ [البلد: 8-9]. والله جعل للإنسان العينين واللسان والشفتين؛ فبالعين يتأمّل الإنسان آيات الله في الآفاق، ويدرك دلالتها على وحدانية الخالق، وباللسان والشفتين تحصل الإبانة عن مكنونات النفس ومشاعرها وأحاسيسها، وبهما يمكن بسط اللسان مقدمة لمعرفة اليقين. وقد استكملت هذه الآيات أصول التعلّم والتعليم، فإنّ الله قد خلق الإنسان محباً للعلم والمعرفة، ومحباً للتعريف بمشاعر الإدراك، فهو يكتسب المشاهدات التي هي أصول المعلومات اليقينية، وبالنطق يفيد غيره بما علمه، وبالهدى إلى الخير والشر يميّز بين معلوماته ويمحّصها.

قال تعالى مذكّرا بهذه النعمة العظيمة على الإنسان: ﴿أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِÇÑÈ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾

[1]  تطور المتعضيات الحيوانية – د. عبدالحليم سويدان – كلية العلوم – جامعة دمشق -1983م.

[2]  في ظلال القرآن – سيد قطب  – دار الشروق – القاهرة – ط 15 – 1988 م.

بواسطة |2022-02-16T12:26:45+03:00فبراير 14th, 2022|
اذهب إلى الأعلى