قل سيروا في الارض

لقد  ترك الخالق تبارك وتعالى لنا معلومات بداية الخلق في كل شيء من حولنا… ففي بداية الألفية الثالثة كثر حديث العلماء عن الكتب أو السجلات المحفوظة في الأرض، ولكن ما هي هذه الكتب وما هو شكل صفحاتها  وما هو شكل كلماتها؟

وإذا كان في الأرض آيات للموقنين، فإن في السير في الأرض آيات لأولي الألباب، وذلك لما في الأرض من أسرار عن تاريخ الخلق، وتاريخ الحيوانات والأشجار التي عاشث في الأرض قبل أن تطأها أقدام الإنسان الأول، إضافة إلى تاريخ الصخور  قبل ذلك بمئات الملايين من السنين.

لقد  ترك الخالق تبارك وتعالى لنا معلومات بداية الخلق في كل شيء من حولنا… ففي بداية الألفية الثالثة كثر حديث العلماء عن الكتب أو السجلات المحفوظة في الأرض، ولكن ما هي هذه الكتب وما هو شكل صفحاتها  وما هو شكل كلماتها؟

فمنذ (24) ألف سنة مرَّت الأرض بالعصر الجليدي غطّى الجليد مساحات شاسعة من الكرة الأرضية وبارتفاع يبلغ آلاف الأمتار. وأصبح علماء المناخ اليوم يخبروننا بدقة مذهلة عن ذلك العصر: حالة الطقس، درجات الحرارة، تركيب الغلاف الجوي، وغير ذلك من المعلومات التفصيلية. فكيف استطاعوا معرفة ذلك؟

وها هم العلماء اليوم يبحثون في طبقات التراب عن أسرار الخلق، وقد لاحظوا أن كل طبقة تسجل تاريخاً محدداً من عمر الأرض. وهنا نتذكر قوله تعالى: ﴿ö@è% (#r玍ř †Îû ÇÚö‘F{$# (#rãÝàR$$sù y#ø‹Ÿ2 r&y‰t/ t,ù=yÜø9$#  ﴾!! ففي هذه الآية إشارة واضحة إلى أنّ أسرار بدء الخلق مكتوب في الأرض.

وعندما قام أحد الباحثين باقتطاع قطعة جليد من الثلوج المتراكمة على جبال الألب تبين أنها تعود لـ 24.000 سنة مضت، ويعد تحليلها واختبارها ظهرت فيها خطوط دقيقة كل خط يصفُ حالة الطقس خلال سنة، ولا يزال الهواء المحفوظ بين ذراتها كما هو منذ تلك الفترة، حتى إنهم أطلقوا على هذه العينة اسم السجلّ المحفوظ!

كذلك يبحث العلماء في طبقات الجليد التي مضى علها آلاف السنين عن أسرار بداية الخلق، وقد وجدوا أشياء عجيبة؛ وهي أنّ تاريخ العصر الجليدي مكتوب في طبقات الجليد. وتكررت العملية ذاتها مع باحثين في الفضاء عندما قاموا بالتقاط بعض النيازك الصغيرة التي سقطت على الأرض وحلَّلوها فوجدوا في كل جزء من أجزائها سجلاً حافلاً بالمعلومات، استطاعوا بواسطته معرفة حالة الكون قبل 4 بليون سنة!

وقد حصل العلماء على هذه المعلومات من خلال دراسة بنية هذه النيازك ونوع ذراتها وكمية الإشعاع المتبقية فيها، حتى إنهم وجدوا آثاراً لحياة بدائية جاءت من الفضاء! فالنيازك التي تهبط وتخترق الغلاف الجوي وتنجو من الاحتراق، وبعد دراستها من قبل العلماء تبين أنها تحوي بعض الأسرار المتعلقة ببداية الخلق، وأنها محملة بجزيئات عضوية، وهذه المواد هي أساس الحياة.

وتتكرّر هذه العملية مع علماء طبقات الأرض، فقد عرفوا من خلال الصخور عمر الأرض، بل عرفوا أكثر من ذلك، فقد نزل أحد الباحثين إلى أعمق منجم للفحم فوجد مياه متدفقة بشكل دائم. وعندما أخذ عينة من هذا الماء وجد أنها تعود لملايين السنين! وفيها كائنات حية لا تزال كما هي منذ ذلك الزمن تتكاثر وتعيش في ظروف قاسية بانعدام الضوء والهواء، وقد تعرَّف من خلال تحليل هذا الماء على حالة الطقس وشكل الحياة في ذلك الزمن!

إنّ هذا الأمر يتكرّر مع الباحثين في تاريخ الإنسان، فقد وجدوا سجلات محفوظة داخل كل خلية من خلايا الإنسان. وعندما وجدوا جمجمة بشرية تعود لأكثر من 100.000 سنة تبين لهم بنتيجة تحليل ذراتها أنّ كل شيء موجود ومحفوظ في ثنايا هذه العظام: تركيب ذلك الإنسان، ومواصفاته ومتوسط عمره، ونوع غذائه وشرابه!!

إذن القاعدة التي نستنتجها من هذه المعطيات أنّ كل شيء محفوظ بكتاب، ولكن حروف هذا الكتاب هي الذرات! وهذه الكشوف حدثت كلها في القرن العشرين. وهنا نتساءل: هل يوجد في كتاب الله عز وجل حديث عن هذه الكتب المحفوظة؟ إنها الآية التي ردَّ الله بها دعوى المنكرين للبعث بعد الموت عندما قالوا: فقد استغربوا بعد تحوّلهم لتراب كيف يعودون للحياة.

فماذا أجابهم الله عزّ وجلّ؟ يقول تعالى: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) [ق: 4]. وإذا كنا نحن البشر نستطيع معرفة الكثير من الأشياء عن الماضي من خلال هذه المعلومات المدونة على الذرات، فكيف بعلم الله عز وجل؟

إنّ هذه الآيات تدعونا للتأمل والتفكر في قوله تعالى: ﴿ö@è% (#r玍ř †Îû ÇÚö‘F{$# (#rãÝàR$$sù y#ø‹Ÿ2 r&y‰t/ t,ù=yÜø9$# 4 ¢OèO ª!$# à×Å´Yムnorô±¨Y9$# notÅzFy$# 4 ¨bÎ) ©!$# 4’n?tã Èe@à2 &äóÓx« ֍ƒÏ‰s%[العنكبوت:20]. وذلك لنستيقن بأن الله قادر على إعادة الخلق ولنزداد يقيناً بلقاء الله تعالى فهو القائل: ﴿’Îûur ÇÚö‘F{$# ×M»tƒ#uä tûüÏZÏ%qçHø>Ïj9 صدق الله العظيم.[1]

[1] بحث المهندس عبد الدايم الكحيل – ملتقى الإعجاز القرآني الرابع – تشرين الثاني -2010 م

[2]   في  سبيل موسوعة علمية – د. أحمد زكي – ص 427 –  دار الشروق – لبنان –  ط3 – 1982 م.

[3]   الإسلام يتحدى (مدخل علمي إلى الإيمان) – وحيد الدين خان – ص 59 –  ترجمة ظفر الله خان – دار الجيل المسلم – مصر – ط2 – 1964م.

[4]   دورات الحياة – د. عبد المحسن صالح –  – ص 7 – دار القلم – القاهرة .

[5]   معجزة القرآن – نعمت ذهني – ص 20 – 23 – دار الاعتصام – ط 2 – 1978 م.

[6]   الإنسان في الكون بين القرآن والعلم – د. عبد العليم عبد الرحمن خضر – ص  221 – عالم المعرفة للنشر والتوزيع – جدة – 1973 م.

[7]   موجز تاريخ الكون من الانفجار الأعظم إلى الاستنساخ البشري  – د. هاني رزق – ص63 –  دار الفكر دمشق 2003م.